بين هلالين



من الساعات المؤلمة على خادم الحسين(ع) من أصحاب المواكب هي ساعة نفاد ما يستضيف به زوّار الحسين(ع). تراه نشطا مغتبطا مستبشرا ما دام قادرا على تقديم شيء لوّار السائرين على أقدامهم إلى أبي الأحرار(ع)، ولكن ما إن ينتهي زاده وتصفرّ يدُه، يخامره شعور هو أشبه شيء بالخجل والانكسار! إن هذا الشعور نفسَه، ولكن بشكل أشدّ، يعتري الشابّ المجاهد في سبيل الله أيضا إن أصيب بجرح في جسمه ووجد نفسه عاجزا عن القتال بعد اليوم، فإنها ساعة قاتلة عليه. والله يعلم كم يؤجر المجاهد الجريح على معاناته من هذا الشعور المؤلم والخفيّ! وكذلك ما أصعبه من شعور على من اعتاد أن يقيم مجلسا حسينيّا في بيته كلّ عام، ثم يأتيه عام لا يجد لذلك حولا ولا قوّة! ويعزّ على الخطيب أو الناعي أيضا إن أصيب في حنجرته وصوته فأصبح عاجزا عن ارتقاء المنبر. طوبى لخدّام الحسين(ع) المخلصين الذين اتخذوا هذه الخدمة هويّةً لهم، ولم يجدوا لأنفسهم رأسمالٍ سوى ما يخدمون به سيّد الشهداء(ع). وما أحلاها من حياة يتخذها المرء فرصة لخدمة الحسين(ع) وحسب. فيرى الحسين(ع) حاضرا في حياته معيناً على توفير أسباب خدمته. وساعد الله قلوب هؤلاء الخدام في ساعة انتهاء شوطهم ونفاد رأسمالهم! إن الشهداء وخدّام الحسين(ع) جميعا سيغبطون العباس(ع) على ما سيناله من مقام عظيم! كيف لا، ولا أحد منهم قد ذاق ما ذاقه العباس(ع) من مرارة الخيبة واليأس، يومَ سلبه الله كلّ أسباب الخدمة والنصرة لأخيه الحسين(ع) حتى وقف العبّاس متحيّرا.


يارة أمير المؤمنين(ع) في موسم الأربعين طعم خاص. لا يعود بإمكان اائر في هذا الموسم أن يدخل الحرم الشريف كباقي الأيام، وقد لا يخلو له مكان ليقف أمام الضريح ويباشر زيارته كعادته، إلا أنّ ضجيج الناس واندفاعهم صوب قبر أمير المؤمنين(ع) وتحمّسهم لاستلام الضريح ودويّ ندائهم: حيدر حيدر وهتافهم "لبيك يا علي" له وقع في قلب اائر. كأنهم يريدون أن ينتقموا من التاريخ وأهله إذ همّش أمير المؤمنين(ع) وعزله عن مركز قيادة الأمة، فراح يعيش في غربة ووحدة. كأنهم يريدون أن يجبروا ذاك الصمت القاتل الذي غمر تلك الأمة البائسة الخاذلة لأمير المؤمنين (ع) حيث كان يناديهم ويستنهضهم ويصرخ بهم، وهم أشباهُ الأمواتِ بلا صوت ولا نفس! ترى قلوب اائرين حرّى فمهما ينادون ويضجّون ويصرخون لا يبرد غليلهم من مصابهم بغربة علي(ع) في أيام حياته، حيث لم يُعرف قدرُه ولم يحتفِ به قومُه! لقد جاؤوا من أقصى أنحاء العالم ناقمين على تلك القلوب القاسية التي لم تعشق عليّا فجاءوا وكأنهّ لا حاجة لهم سوى أن يعبّروا عن حبّهم لأمير المؤمنين(ع) بأعلى أصواتهم. إن الأيام والأحداث الراهنة تبشّرنا بقرب زوال آل سعود، فما هي إلا أيام قلائل إن شاء الله ويَرحُب مسجد النبي(ص) لهؤلاء اوّار مع حرارتهم فيهبّون إلى ضريح النبيّ دون أن تزاحمهم لحية طويلة أو دشداشة قصيرة، فيرجّون جدران المسجد وأعمدته بشعارات حبّ علي(ع). لا أظنّ هذه الصرخات الولائية هي ممّا يؤذي النبي ولا أظنها معنيّة بقوله تعالى: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ). فما أشوق النبيّ(ص) إلى حرارة هؤلاء اوّار وصرخاتهم وما أقرب اللقاء إن شاء الله.


لا يُدرى من بين الملايين من خدّام الأربعين وزوّاره أيهم أوفر حظّا وأعظم أجرا؟! ومَن السبّاق في ماراثون الأربعين؟ إن قواعد الحساب لدى الله تضرب بقواعد الرياضيات عرض الجدار، فليس من اليسير بل من المستحيل أن نعرف خير زائر وأفضل خادم من بين هذه الجماهير المليونية. فلعلّ الأم أو اوجة التي تعدّ حقيبة زوجها أو ابنها لتودّعه إلى ايارة بلوعة الشوق واللهفة إلى قبر الحسين(ع)، دون أن تجد إلى ايارة من سبيل، هي لا تقلّ أجرا ممّن أرسلته وودّعته بعين مغرورقة بدمع الحسرة والغبطة. ولعلّ خطواتها في توديع ابنها أو زوجها تعدّ من تلك الخطوات التي تُقَيَّم بالحجّات والعمرات! ولعلّ ذاك اائر الذي يشدّ رحاله وينطلق إلى حدود العراق ثمّ لا يجد أبوابها مفتوحة ولا يجد وسائل النقل موفّرة فيرجع خائبا منكسرا بعد ما انقطعت به السبل، هو لا يقل أجرا من اائر الذي تهيّأت له الأسباب وزار الحسين(ع) واقفا على الأعتاب. وما يدريك فلعل العمل الذي لا يحسب بين الناس بشيء ولا يُعَدّ في قائمة مفاخر صاحبه هو أزكى عند الله وأبقى. ليتنا نعرف من أي يد سيتقبّل الإمام المهدي(عج) كأس ماء في طريق الأربعين وأي دعوة سيستجيبها. فلعلّ تلك اليد لا تملك سوى طبق فيه عدة كوؤس من ماء وحسب! وليتنا نعرف في أي موكب سينزل الإمام ويَطعَم، فلعلّ ذاك المنزل لا يُحسب حسب معاييرنا بموكب أصلا ولا يطمع زائر في النزول عنده والأكل منه. لقد سبق السبّاقون بنواياهم الخالصة وآمالهم الراقية فبلغوا بذلك ما لم يبلغه أهل المفاخر والتكاثر!


صليت لمدّة أسبوعين صلاة الظهر والعصر في مصلى الإمام الخميني (ره) في مقام السيدة زينب (س) وكنت ألقي كلمة قصيرة بين الصلاتين. قلت في أحد الأيام: لقد جرت سنة أئمة الجماعات على أن يتحفوا المصلين برواية شريفة أو آية قرآنية أو مسألة شرعية، ولكن بودّي أن أقص عليكم اليوم قصّة خيالية لعلّها تحدث لأحدكم لا سامح الله. وهي أن تُ يومَ القيامة وبعد الحساب والكتاب تُفتح لك أبواب الجنان لتدخلها خالدا فيها. ولا يسع أحدا أن يتصور مدى فرحتك يومذاك. فبينا أنت ذاهب إلى الجنة مباهيا أهل العالم بما نلته من فوز عظيم، ترى شابّا وسيما جميلا نيّرا عظيم المنزلة والمقام. فيستحيل زهوك تواضعا وخشوعا لمقامه الرفيع ونور وجهه الباهر. فتسلّم عليه بكل إعظام وتسأله: من أنت يا سيدي ومولاي؟ أنبيّ مرسل أم عالم جليل أم صدّيق من الصدّيقين أم ماذا؟

فيقول: لست أنا أحدا ممّا ذكرت. وإنما كنت شابّا أسكن في أحد غياهب أفريقيا. زرت السيدة زينب (سلام الله عليها) في أيام الغيبة قرب الظهور مرّة واحدة. فخاطبتها وقلت: سيدتي ومولاتي! لقد سمعت أن هذه السنين والأيام التي نعيشها هي أيّام عصر الظهور ولعل الإمام المنتظر (عج) سيظهر قريبا. وعلمت أن لأصحاب الإمام والمستشهدين بين يديه مقاما عظيما عند الله. فطمعت بذلك وجئت أطلب هذا التوفيق منك. لا أدري هل لك حصّة في إعداد قائمة أنصار الإمام المهدي (عج) أم لا؟ وهل بإمكانك أن تشفعي لي عند الله وعند الإمام لأكون من أنصاره أم لا؟ ثم لا يخفى عليك يا سيدتي ومولاتي ويا عقيلة بني هاشم أن لا فسحة لي من الوقت لأزورك مرارا وتكرارا وأعيد عليك حاجتي وأطلبها منك خلال أيام وشهور. فإن هذه هي زيارتي الأولى وأظنها الأخيرة.

ثم رجعت إلى بلدي ومضت بعد ذلك بضع سنين ثم ظهر الإمام والتحقت بركب أنصاره وأصحابه واستشهدت بين يديه. وعلمت بعد ذلك في عالم البرزخ أن توفيق استشهادي بين يدي الإمام كان على أثر زيارتي للسيدة زينب (س) وهي التي شفعت لي عند الله وعند الإمام المنتظر (عج).

ثم ينظر إليك بتأمل ويقول: يبدو من شكلك ولهجتك أنك سوري! فما الذي حصلته من السيدة زينب (س) طيلة سنين حياتك في جوارها؟! 

كلنا سمع بقصة أم موسى (ع). فإنها بعد ما أنجبته في تلك الأيام المتوتّرة والأجواء المتكهربة والظروف العصيبة على كلّ ولد فضلا عن موسى(ع)، خافت عليه وظلّت لا تدري كيف تحافظ عليه. فأوحى الله إليها وأعطاها وصفةً كانت بوصفة الموت والهلاك أشبه منها بوصفة النجاة والحياة. (وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ أَنْ أَرْضِعيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافي‏ وَ لا تَحْزَني‏ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلين‏) [القصص/ 7]. ما هو الدرس الكامن في هذه القصة وما هي العبرة التي تؤخذ منها؟

هل رسالة هذه القصة هي أن نرمي بأولادنا في الشط إن خفنا عليهم؟! وهل قد تصدّت هذه القصة لإعطاء طريق للحفاظ على كل شيء عزيز وغالي؟! بالتأكيد كلا. إذن فما هي رسالتها؟

ثم لا يخفى أنه لا يسعنا أن نعتبر هذه القصّة تحكي حدثا استثنائيّا لن يتكرر بعد أبدا. فلو كانت القصّة استثنائية ولا تعبّر عن قانون ثابت فما الداعي من ذكرها في القرآن الذي أراد أن نتدبر في آياته ونتفكر في قصصه (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون‏) [الأعراف/ 176]؟ فكيف نفكّر فيها وما هي النتيجة التي يمكن أن نخرج بها عبر التفكّر في هذه القصة؟ أفهل هناك حقيقة ثابتة وقانون دائم تحدثت عنه؟

من خلال هذه القصة نفهم أن الله سبحانه وتعالى لا يخالف أهدافنا وغاياتنا التي نصبو إليها. فإذا كنّا نحب الراحة والسعادة واللذة والجاه والأمن والبركة والثروة والصحة والعزّ والأمان، فإنه سبحانه لا يخالف شيئا منها بل هو الذي زرع حبها في قلوبنا لسنعى إليها. ولكنه سبحانه ومن أجل نيل هذه الأهداف في الدنيا قبل الآخرة قد وصف لنا وصفات وأرشدنا إلى طرق هي أبعد ما تكون بحسب ظاهرها من هذه الأهداف. فلا يتخذها ولا يسلكها إلا من وثق بالله وآمن به.

لقد أراد الله لنا الغنى والبركة في المال، ولكنه جعل الإنفاق واكاة طريقا إليه. وأراد لنا العز والأمان فجعل الجهاد طريقا إليه. وأراد لنا الرفعة والجاه العظيم، وجعل التواضع طريقا إليه. وأراد لنا الاستمتاع بلذات الدنيا فجعل الإمساك وغض السمع والبصر طريقا إليه. فإنه سبحانه تعالى قد ملأ الدنيا بالطرق غير المباشرة. فترى كلما كان الأنبياء يرشدون الناس ويهدونهم إلى هذه الطرق، استهزئوا بهم (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُن‏) [يس/30]. 


تصوّر شابّا فقيرا مجدّا نجح في الجامعة في اختصاص جراحة القلب، وهو على وشك أن يصبح جراحا حاذقا يجري العمليات ويحصل على راتب ضخم وأجور عالية جدّا. أما الآن فلا يملك هذا الطالب شيئا سوى وريقات تكفيه بالكاد لدفع أجور الذهاب والإياب إلى الجامعة ومنها إلى بيته، فإذا بقي منها شيء ربما سدّ بها جوعه بشطيرة، وإلّا فيمسي جائعا. ولكن كل هذا العناء ومقاساة الفقر لا ينال من سعادة هذا الطالب شيئا، لأنه آمل في مستقبل زاهر وحياة سعيدة. إنه مغتبط بمستقبله جدّا حتى صار إذا مرّت به سيّارة فخمة لا يخفق لها قلبه، إذ يرى أن هذه السيارة دون شأنه وما هي إلا بضع سنين وسيشتري سيارة أفخم منها بكثير وأرقى. وإذا مرّ بقصر جميل، مرّ منه مرور الكرام ونظر إليه نظرة ازدراء إذ يعتقد أن لا قياس بين هذا القصر وما سيشتريه غدا. فتراه يعيش شعور الأغنياء ويحيى حياة السعداء وهو لا يزال شابا مفلسا صفر اليدين.

هذا هو شعور المؤمن في هذه الدنيا. فإنه يأمل في حياة سعيدة ذات لذة لا توصف وسعة لا تنتهي إلى مدى. فما إن وقع نظره على شيء من حطام هذه الدنيا ممّا لا يقدر على شرائه الآن، لم يكترث به ولم يأخذ من قلبه مأخذا، إذ يرى أن لا قياس بين هذا وبين ما سيملكه غدا.


يومَ بُعث النبي ص في مكة ولم يؤمن به إلا عليّ وخديجة عليهما السلام،  وحينَ كانوا يصلون معا في أوج الغربة والقِلّة، أي عربي أو قرشيّ قد استطاع أن يدرك حجم هذا الحدث وعِظَم هذا النبأ المتمثل بمبعث النبي صلى الله عليه وآله؟ ومن كان يُصَدِّق بأن هذا الحدث سيشكل أعظم منعطف في التاريخ؟ 

لقد جرت سنة حياة البشر على أن لا تُدرَك عظمة الأحداث إلا بعد مضي أحقاب من الدهر، ولا يُعرف قدر الأشخاص ألا بعد سنين طوال. 

أما أولو الأبصار وألو الألباب فهم يرون في الأحداث والأشخاص ما لا يراه سائر الناس.

كان الشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه الذي مرت علينا ذكرى استشهاده، نموذجا رائعا من أولي الأبصار،  فإنه ـ على ما ذكر السيد محمود الهاشمي أحدُ أبرز تلاميذه - بعد ما اطلع على تقرير الدرسين الأوّلين لسلسلة دروس الإمام الخميني قدس سره في ولاية الفقيه،  قال لتلاميذه: فليحضر من استطاع في هذا الدرس فإنه سيُحدث نقطة عطف في تاريخ الإسلام.


لا تعني المشاركةُ في الانتخابات وانتخابُ أحد المرشّحين هو الرضا عن كلّ ما فعل المرشّح وما سيفعل، ولا تعني تحملَ مسؤوليّة كل ما سيقوم به من فعل أو قول. كما ليس المقصود من القائمة الأفضل، القائمةُ المعصومون أعضاؤها، ولا يراد من المرشح الأفضل، هو المرشح المعصوم عن الخطأ والذي يحظى بالنزاهة الكاملة.

يبدو أن قد التبست الأمور على بعض أهلنا وإخواننا الذين هم المعوَّل عليهم في الساحة السياسيّة التي لها تأثيرها المهم والجذري في جميع ساحات الحياة، حتى أصبحنا لا نجد بدّا من توضيح البديهيّات والمسلّمات والتأكيد على ما لم نكن نتوقع أن يختلف فيه اثنان. 

فمن جملة هذه البديهيّات هي أنه لا تكمن أهمية الانتخابات في انتخاب الأفراد الذين ننتخبهم وحسب، بل هناك غرض آخر رئيس ومهم جدّا يدفعنا إلى صناديق الاقتراع وهو حجز المقاعد وصدّ بعض المرشّحين عن حيازتها. نعم لو كان من الممكن أن نحجز المقاعد من دون أن نُجلس عليها أحدا، لكان ذلك طريقا آخر هو أهون من مقاطعة الانتخابات برمّتها، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا عبر انتخاب مرشّح أو قائمة.

لنفترض ـ على سبيل الافتراض ولا الحكم مع اعتذاري عن كل مرشِّح شريف ونزيه ـ أن كلّ المرشّحين هم سرّاق بيت المال ولا تهمّهم إلا جيوبهم، ولكن كيف إذا علمنا بوجود مرشّحين إرهابيّين قد شمّروا عن سواعدهم لقتلنا وذبحنا مضافا إلى نهبنا؟! فبمن نريد أن نبعد أولئك الإرهابيين عن مقاعد المجلس؟! وهل هناك طريق غير المشاركة في الانتخابات وانتخاب أقل المرشّحين فسادا وأهونهم شرّا؟!


تبلیغات

آخرین ارسال ها

آخرین جستجو ها

پت شاپ Web جی درس | پاورپوینت | نمونه سوال | جزوه | دهم یازدهم دوازدهم اخبار پزشکی ایران کتابها و نرم افزارهای آموزشی law دیجی مارکتر بهشت دنیا سالم زیبا تسمه تردمیل